كثيرًا ما نجد أنفسنا حائرين ما بين حروف وكلمات مزدحمة في عقولنا، ولكنّها تأبى أن تجد طريقها للورق. وبالتالي ينتهي بنا الحال بالتأجيل؛ ربّما الآن ليس وقتًا مناسبًا للكتابة، ربّما أتوقف وأكتب غدًا.. إلّا أن غدًا لا يأتي فعلًا بالغد.
إذا وجدت نفسك دائمًا تؤجّل الكتابة ، فهذا المقال كُتب من أجلك. تعرّف هنا على أكثر الأسباب شيوعًا لتأجيل الكتّاب للكتابة والذي تم جمعها من المصدر (الكتابة المبدعة اليوم - Creative Writing Now)
السبب الأول: إنتظارنا للحظة المثالية
ننتظر كثيرًا اللحظة المثالية أو الوقت المناسب للكتابة، وأعذارنا تتنوع مابين: سأكتب بعد العطلة، سأنتظر نهاية الأسبوع، الانتهاء من مناسبة معينة، بعد السفر، عند الانتهاء من جميع المسؤوليات الأخرى كالعمل والمنزل.. أو ربّما نكون مرهقين متعبين، أو الطقس جميل أو سيء، أو ربّما مزاجنا الحالي لا يسمح لنا بالكتابة، أو أنّ الإلهام لم يصادف طريقنا بعد.
لكن الحقيقة هي.. تلك اللحظة المثالية التي ننتظرها، ربّما لن تأتي أبدًا. إذًا لِمَ ننتظرها؟
انتظارنا لها قد يؤدي لعدم كتابتنا، وعندما ننظر إلى الكتّاب العِظام، نجد أنهم كانوا يكتبون في شتّى الظروف، وإنتاجهم للكتب والروايات لا ينتهي.
إذًا ما الحل؟
الحل كما نصح (الكتّاب المبدعون الآن) هو ألّا ننتظر، بل نكتب رغم الظروف الغير كاملة.
أن نستثمر الوقت كلّما استطعنا؛ كالاستيقاط مبكّرًا لنكتب شيئًا أوّل الصباح، أو في استراحة الغداء في العمل، أو في الانتظار عند الطبيب مثلًا، أو ربما حتى قبل النوم.
والحل من وجهة نظري وتجربتي الشخصية هو أمر تعلمته من كتاب (الشيء الوحيد - The One Thing) وهو تخصيص وقت معيّن تكون الكتابة فيه هي الأولوية. فما فعلته شخصيًّا كان التالي:
- تقسيم الأيام على أن تكون أيام الأسبوع (من الأحد إلى الخميس) للعمل نهارًا وأعمال المنزل ليلًا، الجمعة للاستمتاع بالخروج مع الأصدقاء أو الجلوس في المنزل بهدوء، ويوم السبت للكتابة.
وهذا الحل بالنسبة لي كان ممتازًا جدًّا، فإن استطعت الكتابة أيّ يوم آخر كان بها، ولكن السبت أمرًا واجبًا لا يسقط في الاحتمالات.
السبب الثاني: إنتظارنا للفكرة المثالية
ربما لا ندري عمّا يجب أن نكتب الآن، أو ربّما لدينا فكرة إلّا أنّنا متخوفين من أنّها ليست جيّدة بما فيه الكفاية. الواقع هو: أنّ الفكرة التي نبدأ بها الكتابة، ستتلاشى بعد الكتابة والتلقيح، ولا يبقى إلا مجهودنا ومافعلناه بها.
راجع كل الكتب التي قرأتها، وراجع تلك التي عشقتها، وخاصة التي جعلتك تتمنى أن تكون مثل كاتبها. انظر للفكرة الأساسية من القصة؛ احتمال كبير أن تجدها فكرة عادية جدًا.. مثلًا رواية "الأسود يليق بك - أحلام مستغانمي"، الفكرة الأساسية منها هي فتاة وقعت في غرام رجل كبير، الفكرة مكررة، إلّا أن العمل مميّز جدًّا.. وذلك لأن الكاتبة هي من جعلت منه عملًا يستحق الثناء، من خلال تشبيهاتها المميزة، وصفها المبدع، وتفاصيل شخصياتها الفريدة.
إذًا ما الحل؟
استنبط الأفكار من أي مكان واعمل عليها. أحد المواقع الجيدة لجلب الأفكار هو موقع (الكتّاب المبدعون الآن).
وربما تجد أفكار مثلا من مشاعدة قنوات الأخبار، أو قراءة الجريدة، أو حتى من تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، أو سماع أغنية، أو الجمعات العائلية، وغيرها من الأماكن.. من الممكن أيضًا أن يكون مصدر الفكرة هو محور القصة، وربما يكون من شخصية ملفتة تستحق أن تكون بطلة قصة.
السبب الثالث: الخوف من الفشل
كثيرًا ما نتوقف عن اللّحاق بأحلامنا خوفًا من الفشل، خوفًا من أنّنا لسنا موهوبين كما نعتقد، ولسنا جيدين كما يظن الآخرون، ولكن الواقع هو أنّنا نستطيع أن نفعل أيّ شيء نريده إن أردناه حقًّا!
مرّت بي أيّام كثيرة كنت أعنّف فيها نفسي بأنّ كتابتي لم تعد جيدة، بأنّني لن أستطيع إنهاء روايتي هذه، أو مقالي هذا. فأعود لأعمالي السابقة خاصة التي لم أقرأها منذ مدة طويلة، فأعيد قراءتها والاستمتاع بها، أو أقوم بقراءة تعليقات المعجبين، أو سماع آراء المختصين. فتعود لي طاقتي الإيجابية والمحفزة للكتابة من جديد. ولكن هذا الحل لا يساعد الجميع، ولم يساعدني دائمًا..
إذًا ما الحل؟
الطريقة الوحيدة لنصبح كتّابًا جيدين هي الكتابة! لذلك إذا تجنبنا الكتابة ، فلن نصل إلى هناك أبدًا.
والسرّ الآخر هو أن نعرف أن حتّى أفضل كتّاب العالم، غالبّا لم يجدوا أوّل مسودّة لهم ذات جودة كافية، فالمسودة الأولى عمومًا دائمًا سيّئة -على الأقل في نظر كاتبها-.
لذا ابتعد عن التفاصيل وتعنيف الذات، واسمح لنفسك بالكتابة أيًّا كانت النتائج، وإن تعارض ذلك مع قناعاتك. اقتل ذلك الخوف بداخلك وتغلب عليه، وستتغلب لاحقًا على المسودات السيئة لتنتج شيئًا رائعًا. ولكن احذر من أن تظل كاتبًا للمسودات فقط دون إنتاج عمل نهائي انتظارًا للعمل المثالي!
تذكّر: بغضّ النظر عن النتيجة ، المهم هو أن تكتب.
النهاية
افهم نفسك جيّدًا؛ ما هي دوافعك؟ ما هي محفزاتك؟ واعمل عليها حتّى تستطيع أن تستمر.
يمكنك أيضًا قراءة مقالتي: كيف نستمر في الكتابة
تعليقات
إرسال تعليق