شركات نعمل بها، وأخرى لأجلها

        الوظيفة في السابق كانت محدودة بأوقات العمل المتفق عليها، ولكن مع التقدم وريادة الأعمال والمنشئات الصغيرة والمتوسطة، أصبحت الوظيفة تستغرق جميع أوقاتنا، ربما أصبحت الوظيفة هي محور حياتنا. فلم تعد عملا تنجزه وترحل، بل ترحل هي معك؛ تكوّنك، تغيّرك، تلهمك، وتؤثر عليك، تجعلك أنت. لذا، لم تعد الشركة التي تعمل بها مجرد شركة، وأصحاب الشركات الأذكياء هم من يجعل "سكان الشركة" يشعرون "بجو العائلة".

        تجربتي الخاصة تتمحور غالبا في الشركة التي عملت بها معظم سنين خبرتي، والتي ربما لم أقدر ثقافتها وعائلتها إلا بعد رحيلي عنها. فبالرغم من جمال العمل المستقل وكثرة إيجابياته، إلا أن أكثر ما أشتاق إليه في عملي القديم هو المنزل.. وسكان المنزل.

        حين يغمرك ضغط العمل ويظهر ذلك على ملامح وجهك وعلى صمتك الغير معتاد، تجد أحد زملاءك يتسحب بهدوء ليضع قطعة شوكولاتة بابتسامة ويرحل، فتبتسم. أو حين يستيقظ أحدهم مشتاقا لقطعة دونات فلا يشتهيها لنفسه فقط بل يجلبها لكل زملائه كرما وإيجابيةً. أو حين يمرض أحدهم فنزوره أو نسأل عليه، يتزوج أحدهم فنحتفل به، يتخرج أحدهم فنشاركه فرحته، أو حين يسافر أحدهم وبدلا من أن ينسى العمل ومن بالعمل؛ يجلب لكل شخص ذكرى بسيطة من سفرته. حينها تصبح الإيجابية معدية، حينها تنتشر السعادة والاكتفاء، وحينها ترتفع الإنتاجية.

        لذا، أوجه رسالة بسيطة لأصحاب العمل والمنشئات، الرجال منهم والسيدات؛ إن رغبتم في زيادة الإنتاجية وبالتالي تحقيق الأرباح، حوّلوا شركاتكم من شركة يُعمل بها لمنزل يُعمل لأجله.

تعليقات